قلب برئ

كانت عيناي تعرفك,قلبي يأمنك,اذني تصغيك, , اشتاق لسماع كلامك...تروي ظمأي مشااعرك الجياشة...مسلمة كل جوارحي لدقات قلبك المتلاحقة التي تنبض بأسمي كما كنت تقول دائما.... روحي تناديك,طواعية منها علي رضي مني لتقبل عليك ارتياحا لك...فقد اعطيتك الامان...وشعرت بصدقك...واكم قسوت على نفسي بشدة اذا اسائت الظن بك...رسمت كلماتك حلم جميل ملأ كياني,,, كدت اتنفسه ولكن!!...... مر الوقت محدثني,مطلعني,مخبرني بدنو اجلي,مجيء وقتي,اتيان معادي لأطعن منك…لاستيقظ من الحلم الجميل على كابوس الواقع…فقد ذبحتني بسكين بارد…لأسقط ضحية لتمثيلية اخرجتها بمهارة لا توصف وكنت انت البطل والمخرج المتحكم في كل الاحداث…واجد نفسي فريسة لشغفك بألقاء لعنة الانتقام ... صرخت مستنجدة بك لأفهم ما يحدث...والتفت لأجدك انت الطاعن....انت من خطط لينتقم...دارت الارض بي...اسودت الدنيا في نظري...لاول مرة في حياتي اتمنى ان اكون جرحته لاجد مبرر لما فعلته بي؟؟؟....فقد انتقم من من لا ذنب له...فقد عاقبني على اثم لم اقترفه بل هو من غدر عدو لي قد ظلم ظالمي...وقرر ان يثأر لكرامته...واصبح كالاسد الجريح...يداوي جرحه بانتهاش أي فريسة ... ولكن وحسرتاه على قلب جريح شفاءه جرح قلب اخر لا ناقة له ولا جمل..وكل ذنبه هو انه اعطاه الامان....فقد استوعبت الحقيقة في غير أوانها فهذه ليست بكلمات لساني ...لا فقد اصبح كل جسدي باليا, ولا استطيع حتى الكلام ... بل هي كلمات روحي المناجية لجسدي البالي المتهاوي في قبر الأسي وظلم محبوبه ونزلت كلمة النهاية لتنهي كل لحظات السعادة الكاذبة التي تذوقته....معلنة نهاية قلب برئ ليصبح مجرد صفة لا وجود لها

دموع بطعم الحياة

في تمام الساعة العاشرة صباحا رآها وهي ذاهبة الى مكانها المفضل تسير على الكوبري المقابل لمحل عمله...وكالعادة آسرته بجمالها الساحر ورقتها المتناهية...اخذ يتأملها ويحاول أن يكتشف لون عينيها من خلف النظارة الشمس التي ترتديها....كانت له لغز كبير ولكنه لغز ممتع يجذبه ....حاول العديد من المرات أن يذهب إليها ويكلمها...ولكن لم يستطع...فكان هناك شئ يشده للخلف يؤخره عنها-خوفه الذي يقوم بدور البطولة في حياته-وينتهي تعلق نظره بها في تمام الحادية عشر...حين تلملم اشيئاها وتذهب حيث لا يعرف...

ينتهي تعلق نظرة بها ولكن لا ينتهي نبض دقات قلبه المتلاحقة....ولا ينتهي انشغاله بها.....

ويتكرر هذا الموقف كل يوم ويزداد شوقه وانشغاله وتعلقه بها ولكن يزداد أيضا خوفه الذي يعيقه تجاها....وفي ذات المرات لم تأتي فتاته في الموعد المنتظر...خرج من محله لمكانها كي يتأكد أن لم تخونه عيناه وإنها بالفعل لم تأتي...ارتابه القلق عليها..لماذا لم تأتي؟....دخل محله وهو في منتهى الضيق...وقبل أن يجلس على مكتبه شعر بقبضة مخيفة وهتف صوت بداخله يؤنبه على سلبيته وان الفتاه الوحيدة التي شعر بمشاعر حقيقة تجاه ستضيع منه كما ضاعت أجمل سنوات عمره من قبل

فارتعش جسده لهذا الهاجس وقرر أن يخرج يحاول التوصل لمن هي وأين هي وماذا جرا لها؟...ذهب لمكانها المعتاد واخذ يسأل عنها بائعة الفل التي دائما تشتري منها عنقود الفل وتتوج بيه رقبتها...وحين سألها لم يجد رد يروي ظمأ قلقه عليها فكانت إجابتها إنها لا تستطيع أن تتذكر من يوصفها وان ألاف من الناس يمرون عليها يوميا...فذهب إلى بائع الكتب الذي يفرش كتبه بجانب مجلس أميرته الغائبة....ولم يختلف حاله بعد سؤاله عن حاله بعد سؤال بائعة الفل....تملكه اليأس وسار هائما على وجهه بين الطرقات تارة بسيارته وتارة على قدميه حتى أنهكه التعب و أدار سيارته للعودة إلى محله وطوال الطريق كان مشتت الذهن مشغول القلب وكاد أن يصدم احد المارين حين لمح صورتها مرسومة يحملها إحدى الأشخاص وبالطبع اخذ يانهال من حوله عليه بالسباب لفقدان تركيزه الذي كاد أن يتسبب في موت شخص برئ.... وحين أنهى حل تلك المشكلة كان الشخص حامل الصورة قد اختفى

تبدل حاله واسودت الدنيا في نظره فبعد أن أشرقت بادرة أمل ليجد أميرته حتى ضاعت وعاد إلى الصفر...لم ينام ليلتها واخذ يراجع حساباته وحاول أن يتذكر أي شئ عنها يفيده في العثور عليها ولكن دون جدوى....شعر بخيبة الأمل...وسخر من نفسه حين كان يخشى الاقتراب منها...وصرخ فجأة قائلا :لو كان الخوف رجل لقتلته.....فقد أضاع العديد من الأشياء وهو واقف مكبل الأيدي ينظر لحياته كفيلم سينما لا ناقة له فيها ولا جمل....دارت الدنيا بيه واحتل الحزن حياته وسجنت عينيه الدموع

وفي اليوم التالي خرج يبحث عنها مجددا ....وفجأة أشرقت الدنيا أمام عينه حين رآها تحجرت الكلام على شفتيه...واخذ يحسس بيديه على ملامحها ليتأكد إنها فتاته...وساد الصمت المكان حتى سمع صوت يقول: عجبتك الصورة ؟؟...ارتجف رجفة قليلة من فرحته لعثوره على طرف الخيط الموصل لأميرته المنشودة وقال: عجبتني جدا وحأشتريها بأي ثمن ولكن عايز أقابل الفنان اللي رسمها..ممكن؟..ورد الصبي قائلا: اكيد هو جوه..أتفضل ....وقال الصبي: في حد عايزك يا فنان...فقال الفنان:خليه يتفضل

دخل وهو كله أمل وشوق وقال: السلام عليكم...عايز اتكلم معاك بخصوص رسمة الفتاة الرائعة اللي برا....في الحقيقة ان بحب البنت اللي في الصورة ولم اصارحها بحبي ولكن فجأة اختفت ومعرفش هي فين....ارجوك ساعدني......فاستدار اليه الرسام وقال له بتعجب: بتحبها؟؟؟....فرد قائلا: ايوة...فقام الرسام من مكانه وتوكأ على عصاته وقال:وهل هي موجودة أصلا؟؟؟؟....كاد أن يفقد النطق حين اكتشف أن الرسام أعمى وانه لا يعرف من هي صاحبه الوجه المرسوم...تضاربت الأفكار في ذهنه وكاد أن يجن...ركب سيارته مسرعا واتجه نحو الكوبري واخذ يهتف كالمجنون: لااااااا أنا مش مجنون......انتي فين؟..تعالي....حرام عليكي...أنا مش مجنون...انتي حقيقة..انتي موجودة.....انتي فين؟...وانهار على ركبتيه واخذ يبكي ويبكي...يحاول ان ينادها فلا يجد لها اسما...يحاول ان يؤكد لنفسه وجودها فلا يجد دليل...

واشرقت شمس اليوم الجديد وهو على حاله...نادم...مضطرب..حزين...بائس...باكي العينين....شريد الذهن...حينها وجد يد تحسس على شعره بدفء وحنان قائل:مش كفاية اللي ضاع وانت خايف تقربلها....واللي ضاع وانت بتدور عليها...لو هي حقيقة يبقى متضيعش اللي جاي عشان تقدر توصلها...ولو كانت حلم متضيعش الواقع واكيد انت اتعلمت الدرس...فلم ما يقوله لشيخ الجامع الذي بمثابه والده ومسح دمعه واتجه الى محله وجلس على مكتبه وعينه عالقة بمكانها وهي مليئة بالدموع ولكن دموع بطعم الحياة

تمت